عيد المراة العالمي
أسراء خليفة:
عزيزتي المرأة. كل عام وانت بألف خير
اليوم نحتفل معا بعيد المرأة العالمي يوم 8 / اذار الخالد والذي يمر علينا لأول مرة ونحن نرفع أصواتنا علانية بالترحيب به. وتثبيته كخطوة ديمقراطية كبيرة نثمن من خلالها دور المرأة العراقية ( الجريحة والمنكوبة والدامية ) والتي يمر عليها هذا اليوم في ظل ظروف صعبة وأحوال معيشية قاسية لايستثني فيها 8 / اذار رجلا فيها ام امرأة..ان اغلب النساء في العراق وعلى كثرتهن وتعدد أختصاصاتهن العلمية والوظيفية لايعرفن شيئا عن تاريخ هذه المناسبة ولماذا 8 / اذار تحديدا؟ ويعتقدن انها مناسبة مفتعلة منّ عليهن الرجال لاختيار يوم للاحتفال بالمراة أسوة بمناسبات اخرى كيوم الحب ويوم العمال ويوم الربيع.. الخ من الاعياد الرسمية العالمية.
الا ان هذا الكلام غير صحيح. فان اول حدث تاريخي لتأسيس هذا اليوم يعود الى عام 1857 حينما قامت مجموعة من النسوة العاملات في معمل للنسيج في الولايات المتحدة الاميركية بالتظاهر احتجاجا على سوء احوالهن المعيشية وبالرغم من قمع البوليس لهن الا ان هذه التظاهرة استطاعت بعد سنتين النجاح في تشكيل اول نقابة نسائية لعاملات معمل النسيج وفي 8 / اذار عام 1908 انظمت اكثر من 15 الف عاملة للمشي بمسيرة طويلة في مدينة ( نيويورك ) مطالبة بزيادة الاجور وتحسين ظروف العمل والاعتراض على عمل الاطفال وحق المرأة في الاقتراع والديمقراطية. وبعد عام من هذا التاريخ في 1909 شارك ما يقارب 20 - 30 الف عاملة في اضراب عام دام ( 13 ) اسبوعا واعتبر هذا الاضراب النسائي في تلك الفترة اكبر اضراب وكان مطلبهن هو تحسين ظروف العمل وزيادة الاجور اضافة الى المطالب الاخرى التي قدمتهن في العام الماضي. وهكذا فان 8 / اذار لم يكن مناسبة للمرأة البرجوازية او الاستقراطية بل هو مناسبة ثورية واقعية. كونتها فكرة ذلك الاضراب العمالي الذي نبه العالم الى حقوق المرأة في العمل والمساواة والعدالة في الاجور.. الا ان هذا العيد في حياتنا الراهنة قد تحول ليشمل معاناة وهموم المرأة ككل وبالتالي فان على المرأة العراقية تحديدا ان تستغل هذا اليوم العالمي لتنظيم المظاهرات السلمية وعقد الندوات والمؤتمرات لمراجعة وضع المرأة العراقية في ظل الظروف الجديدة واثبات حضورها في الحياة السياسية وتقديم احتجاجاتها ازاء محاولات تغييبها اجتماعيا، او تحريمها طائفيا، او تجريمها ارهابيا. ذلك ان يوم 8 / اذار. يشكل بالنسبة للمراة العراقية يوما يذكرها بما مر عليها من سالف الايام حينما كانت دائما أما لشهيد مقتول في الحرب او رهينا في الزنزانة او مدفونا بالمقابر الجماعية او اختا له او ابنة او زميلة له بالدراسة او بالعمل او جارة له او حبيبة او معجبة او صديقة فلا ينبغي ان نفكر في 8 / اذار بحرية المراة من طرف واحد فان تحرير المجتمع من قيوده وظلاميته وعنصريته هو تحرير يشمل الجميع.. فالحرية لاتجزء ولايمكن شربها ملعقة كما نشرب الحساء. ان مطالب المرأة العراقية يجب ان تكون جزءاً من مطالب الرجل وان تعاون المرأة والرجل معا هو المعنى الاكثر تعبيرا ليوم 8 / اذار هنيئا للمراة العراقية بهذا اليوم العظيم الذي نتصافح به معا في اكثر الاوقات حلكة وصعوبة ونحن نؤمن باهمية المعاناة في انضاج الاهداف كما ينضج الخبز في فرن ساخن ولتؤمن المراة العراقية بان جمالها لا اهمية له اذ ما كان جسدها وفكرها هابط وحقوقها مسلوبة. ان 8 / اذار هو درس ثوري في مسيرة الحركة النسوية العالمية. وليس مناسبة كسولة لشرب العصير وخلق التجمعات النسوية بدون هدف مرة اخرى أُحيي المراة العراقية من خلال منبر صفحتها ( زهرة المجتمع ) في جريدة الصباح. والتي اثرت ان افردها هذه المرة لاراء خيرة مبدعينا وكتابنا من الرجال ليعبروا عن ارائهم في هذا اليوم العظيم ايمانا مني بوحدة القضية والهدف. والعراق اكبر من الجميع.